للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمتأمل لهذا القول يرى ما فيه من التلبيس والمخالفة.

فقد سبق أن ذكرنا في المبحث اللغوي لكلمة (عرش)، أن لهذه الكلمة عدة معاني في اللغة العربية، ومن المعلوم أن معرفة المعنى المراد من تلك المعاني لهذه الكلمة أو غيرها، إنما يتحدد بحسب سياق الكلمة وبحسب ما أضيفت إليه، وليس في سياق الآيات ما يثبت صحة ما ذهبوا إليه، كما أن ما استدل به هؤلاء المخالفون من الأبيات الشعرية ليس إلا دليلا على أن الملك هو من المعاني اللغوية لكلمة (عرش)، وهذا أمر لا خلاف فيه، وهذا الاستدلال يماثل ما لو استدللنا على أن من معاني كلمة العرش: السقف، بقوله تعالى ﴿وهي خاوية على عروشها﴾ [البقرة ٢٥٩]، فليس في هذه الأبيات أي إشارة لا من قريب ولا من بعيد على أن الملك هو المعنى المراد في الآيات الواردة في العرش، بل إن المتأمل للآيات والأحاديث الواردة في هذه المسألة يرى أنها تدل دلالة واضحة وصريحة على أن المراد بالعرش هو ذلك المخلوق العظيم الذي خلقه الله تعالى فوق العالم كله، ثم استوى عليه بعد أن خلق السموات والأرض، وكذلك ترد على هؤلاء المخالفين زعمهم الباطل الذي هو في الحقيقة تحريف لكلام الله.

فيا ترى ماذا يصنع ذلك المخالف الذي يزعم أن العرش إنما هو كناية عن الملك والسلطان بقوله تعالى ﴿وكان عرشه على الماء﴾ [هود ٧]، هل يزعم أن الملك كان على الماء؟

<<  <   >  >>