الأثباتِ على وجوبِ الإيمان بالقَدَر، وأنَّ الأمور كُلَّها: خيرَها وشرَّها، نَفْعَها وضَرَّها بتقديرِ الله تعالى، قال عبدُ الغنيِّ المقدسيُّ ﵀ في: «وأَجْمَعَ أئمَّةُ السلفِ مِنْ أهل الإسلام على الإيمانِ بالقَدَرِ خيرِه وشرِّه، حُلْوِه ومُرِّه، قليلِه وكثيرِه، بقضاءِ الله وقَدَرِه، لا يكون شيءٌ إلَّا بإرادته، ولا يجري خيرٌ وشرٌّ إلَّا بمَشيئته، خَلَقَ مَنْ شاءَ للسعادة واستعمله بها فضلًا، وخَلَقَ مَنْ أراد للشقاء واستعمله به عدلًا؛ فهو سرٌّ استأثر به، وعِلْمٌ حَجَبَه عن خَلْقِه، ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣]، قال اللهُ ﷿ ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ﴾ [الأعراف: ١٧٩]، وقال-تعالى-: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [السجدة: ١٣]، وقال-﷿ ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: ٤٩ [" (١).
وأكَّد ابنُ تيمية ﵀ هذا الإجماعَ بقوله: "وأمَّا السلفُ والأئمَّةُ كما أنهم مُتَّفِقون على الإيمانِ بالقَدَر، وأنه ما شاءَ كان وما لم يَشَأْ لم يكن، وأنه خالِقُ كُلِّ شيءٍ مِنْ أفعال العباد وغيرِها، وهُمْ مُتَّفِقون على إثباتِ أَمْرِه ونَهْيِه، ووَعْدِه ووَعِيدِه، وأنه لا حُجَّةَ لأَحَدٍ على الله في تركِ مأمورٍ ولا فعلِ محظورٍ؛ فهُمْ أيضًا مُتَّفِقون على أنَّ اللهَ حكيمٌ رحيمٌ، وأنه أَحْكَمُ الحاكمين وأَرْحَمُ الراحمين" (٢).
(١) الاقتصاد في الاعتقاد) ١٥١ (. (٢) «مجموع الفتاوى» (٨/ ٤٦٦).