للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأشياء قبل كونها، وكتبها في اللوح المحفوظ، وأراد كل شيء في هذا الوجود قضاءً وقدراً، وخلق كل شيء في هذا الوجود.

والإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان الستة، وقد ورد ذكر القدر في القرآن ومنه ما جاء في قوله تعالى: ﴿إنا كل شيء خلقناه بقدر﴾ [القمر: ٤٩]. وقوله تعالى: ﴿وكان أمر الله قدرا مقدورا﴾ [الأحزاب: ٣٨].

القَدَرُ في اللغة: التقديرُ، وهو مصدرٌ، يقال: قَدَرتُ الشيءَ أَقْدُرُه قَدْرًا وقَدَرًا إذا أحَطْتُ بمقداره، والقَدَرُ: وقتُ الشيءِ أو مكانُه المقدَّرُ له، ويُطْلَقُ القَدَرُ على القضاء الذي يقضي به اللهُ على عِبَادِه، وجمعُه أقدارٌ. (١)

قال الأزهريُّ: «قال الليث: القَدَرُ: القضاءُ الموفَّق، يقال: قدَّر اللهُ هذا تقديرًا، قال: وإذا وافَقَ الشيءُ الشيءَ قلتَ: جاء قَدَرُه» (٢).

وَقَدَرُ اللهِ تَعَالَى هُوَ: تَعَلُّقُ عِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ أَزَلًا بِالكَائِنَاتِ كُلِّهَا قَبْلَ وُجُودِهَا؛ فَلَا حَادِثَ إِلَّا وَقَدْ قَدَّرَهُ اللهُ تَعَالَى، أَيْ: سَبَقَ بِهِ عِلْمُهُ وَتَقَدَّمَتْ بِهِ إِرَادَتُهُ؛ فَكُلُّ حَادِثٍ فَهُوَ حَادِثٌ عَلَى وَفْقِ مَا سَبَقَ بِهِ عِلْمُ اللهِ وَمَضَتْ بِهِ إِرَادَتُهُ

والإيمانُ بالقَدَرِ ركنٌ عظيمٌ مِنْ أركانِ الإسلام، لا يَصِحُّ إيمانُ المسلمِ إلَّا بتحقيقه، وقد انعقد إجماعُ السلفِ قاطبةً ومَن بَعْدَهم مِنْ أئمَّةِ السنَّةِ العدولِ


(١) انظر: «لسان العرب» لابن منظور (١١/ ٥٥)، «المعجم الوسيط» (٢/ ٧١٨)، «فتح الباري» لابن حجر (١/ ١١٨).
(٢) «تهذيب اللغة» (٩/ ٣٧).

<<  <   >  >>