=حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» (١)، وجه الدلالة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقيده بالتفرق فلو كان فيه لذكره.
القياس: حيث قاسوا البيع ونحوه من المعاملات المالية على النكاح والخلع والعتق من المال والكتابة وكل منها عقد معاوضة يتم بلا خيار المجلس.
قلت: وبعد بيان رأي الفريقين وأدلتهم أقول:
الراجح عندي من الأقوال: هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من ثبوت خيار المجلس لصراحة الأدلة عليه (٢).
وقول المؤلف -رحمه الله- «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا»: هذا الحديث رواه البخاري ومسلم عن حكيم ابن حزام -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا».
أما قوله «بِأَبْدَانِهِمَا»: فهو تفسير لمعنى الخيار، وهو أن يكون التفرق بالأبدان دليل ذلك ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا»(٣).
فقوله «مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا»: ما: مصدريه ظرفية، أي أن الخيار ممتد زمن عدم تفرقهما، ويؤيد ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- في نفس الحديث «وَكَانَا جَمِيعًا». =
(١) أخرجه البخاري - كتاب البيوع - باب الكيل على البائع والمعطي (٢٠١٩)، مسلم - البيوع - باب بطلان بيع المبيع قبل القبضِ (٣٩١٣). (٢) من رغب التوسع فليرجع إلى كتابي (خيار المجلس والعيب في الفقه الإسلامي)، فقد فصلت الأقوال وبينت الراجح بدليله. (٣) سبق تخريجه، ص ٦٨.