(١) قوله «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا»: هذا هو النوع الأول من الخيارات ويسمى خيار المجلس، وقد اختلف الفقهاء في مشروعية خيار المجلس:
فذهب جمهور الفقهاء من السلف والخلف ومنهم الشافعية (١)، والحنابلة (٢) إلى مشروعيته، فلا يلزم العقد عندهم إلا بالتفرق عن المجلس أو التخاير واختيار إمضاء العقد، واستدل هؤلاء بأدلة منها:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ»(٣)، وفي رواية:«أَوْ يَكُونُ الْبَيْعُ خِيَارًا قَالَ نَافِعٌ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَارَقَ صَاحِبَه»(٤)، وفي رواية عند مسلم قال نافع: فَكَانَ إِذَا بَايَعَ رَجُلاً فَأَرَادَ أَنْ لا يُقِيلَهُ قَامَ فَمَشَى هُنَيَّةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ»، وفي رواية:«أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمًا الآَخَر»(٥)، وفي رواية:«وَكَانَا جَمِيعًا»(٦).
روى البخاري ومسلم عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا»(٧)، وجه الدلالة من الحديثين=
(١) المجموع (٩/ ١٦٩). (٢) المغني (٣/ ٤٨٢). (٣) أخرجه البخاري - كتاب البيوع - باب البيعان بالخيار (٢٠٠٥)، مسلم - كتاب البيوع - باب ثبوت الخيار (٣٩٣٥). (٤) أخرجه البخاري - كتاب البيوع - باب كم يجوز الخيار (٢١٠٧). (٥) أخرجه النسائي - كتاب البيوع - ذكر الاختلاف على نافع في لفظ حديثه (٤٤٧٢)، وصححه الألباني في سنن النسائي (٧/ ٢٤٩). (٦) أخرجه البخاري - كتاب البيوع - باب إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع فقد وجب البيع (٢٠٠٦)، مسلم - البيوع - باب ثبوت خيارِ المجلسِ للمتبايعينِ (٣٩٣٤). (٧) أخرجه البخاري - كتاب البيوع - باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا (٢٠٠٤)، مسلم - البيوع - باب الصدق في البيع والبيانِ (٣٩٣٧).