(١) قوله «وَمَنْ فاتَتْهُ الصَّلاةُ عَلَيْهِ، صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ إِلَى شَهْرٍ» أما الصلاة على القبر بعد دفنه فقد اختلف الفقهاء فيها: فالمالكية (١) يمنعونها، والحنابلة (٢) كما بينه المؤلف يجيزونها، وهو قول عند الشافعية (٣) وهو الصحيح، وهو اختيار مشايخنا (٤). دليل ذلك قصة المرأة التي تقم المسجد، سأل عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه أنها ماتت، فقال:«أَفَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُوْنِي بِهِ دُلُّوْنِيْ عَلَى قَبْرِهَا، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا»(٥).
لكن اختلف من قال بالجواز في المدة التي يجوز فيها الصلاة على الميت في القبر، فقيل: إلى الشهر وهذا هو المذهب (٦)، وقول عند الشافعية (٧)، وقيل: يصلى عليه ما لم يبل جسده، وقيل: يصلى عليه أبدًا، وهذا هو اختيار شيخنا (٨) -رحمه الله-، لكن اشترط لذلك أن يكون هذا المدفون مات في زمن يكون فيه هذا المصلي أهلاً للصلاة، وهذا هو الراجح.
ورجح بعضهم قول الحنابلة وبعض الشافعية: أن الصلاة على القبر تكون إلى
شهر من دفنه، أما بعده فالأحوط تركه والاكتفاء بالدعاء للميت، وهو قول=
(١) مقدمات ابن رشد (١/ ١٧٠)، المدونة (١/ ١٦٤). (٢) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (٦/ ١٧٧). (٣) المجموع شرح المهذب (٥/ ٢٠٨). (٤) انظر مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة شيخنا عبد العزيز بن باز (١٣/ ١٥٤). (٥) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة - باب كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان - رقم (٤٣٨)، ومسلم في كتاب الجنائز - باب الصلاة على القبر - رقم (١٥٨٨). (٦) المرجع السابق. (٧) المرجع السابق. (٨) الشرح الممتع (٥/ ٣٣٩).