= وقد اختلفت الروايات في المذهب (١) في حكم استعمال أواني أهل الكتاب:
الرواية الأولى: إباحة استعمالها مطلقًا وهو المذهب وبه قال جمهور أهل العلم، دليل ذلك حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال:«كُنَّا نَغْزُوْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنُصِيْبُ مِنْ آنِيَةِ الْمُشْرِكِيْنَ وَأَسْقِيَتِهِمْ فَنَسْتَمْتِعُ بِهَا فَلا يَعِيْبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ»(٢).
ومن الأدلة أيضًا ما جاء في الصحيحين من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ من مزادة امرأة مشركة» (٣).
وروى أحمد في مسنده عن أنس - رضي الله عنه - «أَنَّ يَهُوْدِيًّا دَعَا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خُبْزِ شَعِيْرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ فَأَجَابَهُ»(٤). فكل هذه الأدلة تدل على إباحة استعمالها ما لم يعلم أنهم يستخدمونها في النجاسات كطبخ لحم الخنزير فيها ونحوه.
الرواية الثانية في المذهب: كراهية استعمالها؛ لحديث أبي ثعلبة الخشني قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ نَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ، قَالَ:«إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ فَلا تَأْكُلُوْا فِيهَا فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوْهَا وَكُلُوْا فِيْهَا»(٥).
(١) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (١/ ١٥٥). (٢) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٣٧٩) رقم (١٥٠٩٥)، وأبو داود في كتاب الأطعمة - باب الأكل في آنية أهل الكتاب - رقم (٣٨٣٨)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٢/ ٧٢٧) رقم (٣٢٥١). (٣) أخرجه البخاري في كتاب التيمم- باب الصعيد الطيب وضوء المسلم - رقم (٣٤٤)، ومسلم في كتاب المساجد - باب قضاء الصلاة الفائتة - رقم (٦٨٢)، والمزادة: قربة كبيرة يزاد فيها جلد من غيرها. (٤) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٢١٠) رقم (١٣٢٢٤)، وصححه الألباني في الإرواء (١/ ٧١)، الإهالة: الشحم والزيت. والسنخة: المتغيرة الريح. (٥) أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد - باب صيد القوس - رقم (٥١٦١)، مسلم في كتاب الصيد - باب الصيد بالكلاب المعلمة - رقم (١٩٣٠).