الثاني: من لا هجرة عليه وهو من يعجز عنها، إما لمرض، أو إكراه على الإقامة في دار الكفر، أو ضعف كالنساء، والولدان لقوله تعالى:{إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً}(١).
الثالث: من تستحب له الهجرة، ولا تجب عليه، وهو: من يقدر على الهجرة ويتمكن من إظهار دينه في دار الحرب، فهذا يستحب له الهجرة ليتمكن من الجهاد، وتكثير المسلمين.
وقال الحنفية (٢): لا تجب الهجرة من دار الحرب لخبر: «لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ»(٣)، أما حديث:«ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ»(٤) فمنسوخ بحديث: «لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ».
والصواب عندي قول جمهور الفقهاء، وهو قول المؤلف كما نرى.
(١) قوله «وَتُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَدِرَ عَلى ذلِكَ»: أي وتستحب الهجرة لمن قدر عليها، وقد سبق بيان ذلك قريباً في أقسام الناس مع الهجرة.
(١) سورة النساء: الآية ٩٨. (٢) المبسوط (١٠/ ٦). (٣) سبق تخريجه، ص ١٨٧. (٤) رواه مسلم في الجهاد والسير - باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام (٤٦١٩).