=وذهب أبو حنيفة (١) خلافًا لصاحبيه وأبوبكر (٢) من الحنابلة إلى أنه واجب.
والصحيح ما ذهب إليه الجمهور أي أنه سنة مؤكدة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لما سأله الأعرابي عما فرض عليه في اليوم والليلة قال:«خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ»، فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ:«لا إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ»(٣)، وقول علي - رضي الله عنه -: «الْوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَهَيْئَةِ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَلَكِنْ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -»(٤).
ومع كونه سنة إلا أنه لا ينبغي لمسلم أن يتهاون فيها، فمن تركها فقد أساء، قال الإمام أحمد -رحمه الله-: «من ترك الوتر عمدًا فهو رجل سوء لا ينبغي أن يقبل له شهادة»(٥).
(١) قوله «وَوَقْتُهُ: مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ» أي وقت الوتر من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني، ودليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلاةٍ وَهِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ وَهِيَ الْوِتْرُ فَجَعَلَهَا لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوْعِ الْفَجْرِ»(٦)، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ =
(١) الهداية وفتح القدير (١/ ٣٠٠ - ٣٠٣). (٢) المغني (٢/ ٥٩١ - ٥٩٤). (٣) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان - باب الزكاة من الإسلام - رقم (٤٤)، ومسلم في كتاب الإيمان - باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام - رقم (١٢). (٤) أخرجه أحمد (٣/ ٢٠٣) رقم (١١٩٧)، والترمذي في كتاب الصلاة - باب ما جاء أن الوتر ليس بحتم - رقم (٤١٦)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار - باب الأمر بالوتر - رقم (١٦٥٨)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها - باب ماجاء في الوتر - رقم (١١٥٩). (٥) المغني (٢/ ٥٩١ - ٥٩٤). (٦) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة - باب استحباب الوتر - رقم (١٢٠٨)، والترمذي في كتاب الصلاة - باب ما جاء في فضل الوتر - رقم (٤١٤)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها- باب ما جاء في الوتر- رقم (١١٥٨).