=وابن الجوزي (١) وهؤلاء اختلفوا، فمنهم من قال: إن المراد بالأنفال: الزيادة التي ينفلها الإمام لبعض السرايا من الأسلاب فوق نصيبهم من الغنيمة، ومنهم من قال: إن الأنفال هي الغنائم وتكون الآية عامة، ثم نزلت آية الخمس وبيَّنت مصرف الخمس من الغنائم (٢).
والراجح من الأقوال أن سهم الله تعالى وسهم رسوله -صلى الله عليه وسلم- واحد، وكونه سبحانه وتعالى استفتح بذِكْرُ اسمه تعالى فإنه من باب التعظيم، قال بذلك ابن عباس -رضي الله عنه- وجماعة من السلف (٣).
ويؤيد ذلك ما رواه عبد الله بن شقيق عن رجل من بلقين قال: أتَيتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- وَهوَ بِوَادِي القُرَى وَهوَ يَعرِضُ فَرَسَاً، فَقُلتُ: يا رسول الله، مَا تَقُولُ فِي الغَنِيمَة؟ فَقَالَ:«للَّهِ خُمُسهَا، وَأربَعةُ أخْمَاسٍ لِلجَيشِ»(٤).
فما لله ولرسوله يدخل في بيت المال، ويصرف في مصالح المسلمين (٥)، لحديث عبد الله بن عمرو بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَيسَ لِي مِنْ هَذَا الفَيءِ شَيءٌ، وَلا هَذَا - وَرَفَعَ أُصْبُعَيهِ - إِلا الخُمُسَ، وَالخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ»(٦).
(١) سورة الأنفال: الآية ٤١. (٢) انظر: تفسير الطبري (١٣/ ٣٨١)، نواسخ القرآن لابن الجوزي، ص ٣٤٣، تفسير آيات الأحكام لمناع القطان (١/ ٥٨). (٣) تفسير ابن كثير (٤/ ٣). (٤) أخرجه البيهقي (٦/ ٣٢٤) بإسناد صحيح. (٥) انظر: الفتاوى (١٠/ ٢٨٠)، الشرح الممتع (٨/ ٢٧). (٦) أخرجه أبو داود في الجهاد - باب في فداء الأسير بالمال (٢٦٩٤)، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٢/ ٥١٣).