=حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ» (١). وجه الاستدلال بالحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أثبت أن حكم اليمين الغموس أن الله تعالى يوم القيامة يغضب على صاحبها، فمن أوجب الكفارة فقد زاد على النص الوارد في الحديث.
ثالثاً: عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:«خَمْسٌ لَيْسَ لَهُنَّ كَفَّارَةٌ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَبَهْتُ الْمُؤْمِنِ وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَيَمِينٌ صَبْرٌ يَقْطَعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ»(٢).
القول الثاني: أن فيها الكفارة، وهذا مذهب الشافعية (٣)، ورواية في مذهب أحمد (٤) ذكرها شيخ الإسلام، احتج القائلون بوجوب الكفارة في اليمين الغموس بأنها مكسوبة معقودة، إذ الكسب فعل القلب، والعقد: العزم، ولا شك أن من أقدم على الحلف بالله تعالى كاذباً متعمداً فهو فاعل بقلبه وعازم ومصمم، فهو مؤاخذ.
وقد أجمل الله عز وجل المؤاخذة في سورة البقرة فقال: {لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ=
(١) أخرجه البخاري في الخصومات - باب كلام الخصوم بعضهم في بعض (٢٤١٦ - ٢٤١٧)، ومسلم في الأيمان - باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار (١٣٨) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-. (٢) أخرجه أحمد (٨٧٢٢)، وقال السيوطي: إسناده حسن (فيض القدير ٤/ ٤٥٨)، وحسنه الألباني في الإرواء (٦٩٠). (٣) روضة الطالبين (١١/ ٣)، فتح الباري (١١/ ٥٦٦). (٤) مجموع الفتاوى (٣٤/ ١٣٩).