=وقال الشافعية (١)، والحنابلة (٢): إنه مكروه كراهة تنزيه لا تحريم، فلا يستحب بدليل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّهُ لا يَرُدُّ شَيْئًا وَلَكِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ»(٣)، وفي لفظ:«إِنَّهُ لا يَأْتِى بِخَيْرٍ وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ» ولأن النذر لو كان مستحباً لفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفاضل أصحابه، لكن مع هذا من نذر طاعة لله عز وجل لزمه الوفاء بها.
أما القرآن: فقوله تعالى: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}(٤)، {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا}(٥)، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}(٦)، والنذر نوع من العهد من الناذر مع الله عز وجل، والعقود: العهود.
وأما السنة: فقوله -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ»(٧)، فقوله «فليطعه» تفيد الإيجاب.
وهذا هو الصواب عندي.
(١) مغني المحتاج (٤/ ٣٥٤). (٢) الإنصاف (١١/ ١١٧). (٣) رواه البخاري في القدر - باب إلقاء النذر العبد إلى القدر (٦٦٠٨)، مسلم في النذر - باب النهي عن النذر وأنه لا يرد شيئاً (١٦٣٩) عن ابن عمر رضي الله عنهما، واللفظ لمسلم. (٤) سورة الحج: الآية ٢٢. (٥) سورة الإنسان: الآية ٧. (٦) سورة المائدة: الآية ١. (٧) رواه البخاري في كتاب الأيمان والنذور - باب النذر في الطاعة (٦٦٩٦).