=من ماء الرجل, وذهب بعض أهل العلم إلى أن الخطاب للجميع للرجل والمرأة، وهذا هو الأظهر، وهو قول اللجنة الدائمة (١).
قوله «لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطُانُ أَبَدَا»: اختلف في معناه: فقال بعض الفقهاء لم يضره الشيطان حين خروجه وذلك لحديث أَبِي هريرة -رضي الله عنه- أَن النبِي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:«مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ إِلاَّ مَرْيَمَ وَابْنَهَا»، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}» (٢).
فالشاهد أنه قال:«لم يضره»، ولم يقل:«لم يصبه»، وفرق بين الأمرين لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيّن عدم الضرر ولم يبين عدم الإصابة، أو قد يصاب ولكن ذلك لم يضره.
وقال بعض العلماء:«المراد بأنه لا يضره أي لا يصرعه شيطان»، وقال بعضهم:«لا يطعن فيه الشيطان عند ولادته بخلاف غيره».
قال القاضي عياض: ولم يحمله أحد على العموم في جميع الضرر والوسوسة والإغواء.
قال ابن دقيق العيد: يحتمل أنه لا يضره في دينه ولكن يلزم منه العصمة وليست إلا للأنبياء, وأجيب عليه بأن العصمة في حق الأنبياء على=
(١) فتاوى اللجنة الدائمة (١٩/ ٣٥٤) رقم الفتوى (٣٣٧٧). (٢) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء - باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} (٣٤٣١)، ومسلم في الفضائل - باب فضائل عيسى عليه السلام (٢٣٦٦) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.