الدليل الأوّل: قال الله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ}(١).
وجهُ الدَّلالة من الآية:
ورد اللفظ في الآية عامًّا يشمل كل كتابيٍّ، عربيًّا كان أو عجميًّا، فهم سواءٌ في حكم أخذ الجزية منهم (٢).
الدليل الثاني: بعث النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- خالدَ بنَ الوليدِ إلى أُكَيْدِرِ (٣) دُومَةَ (٤)، فأخَذوه، فأتوهُ به، فحقَنَ له دَمه، وصالَحه على الجِزية (٥).
وجهُ الدَّلالة من الحديث:
أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- من أهل دومة الجندل الجزية، وكانوا من العرب، وفي هذا دلالة على جواز أخذها من العرب كجوازه من العجم (٦).
الدليل الثالث: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَهْلَ نَجْرَانَ
(١) سورة التوبة، الآية (٢٩). (٢) انظر: شرح مختصر الطحاوي (٧/ ١٢)، تفسير البغوي (٢/ ٣٣٥)، المغني (٩/ ٤٣١). (٣) هو أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن بن أعيا بن الحارث بن معاوية، وهو رجل من العرب كان نصرانيًّا، أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حلة، صالح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يسلم، أسره خالد بن الوليد وقتله كافرًا. انظر: معالم السنن (٣/ ٣٦)، الإصابة (١/ ٣٧٨). (٤) دومة الجندل: حصن، وهو اسم موضع فاصل بين الشام والعراق على سبع مراحل من دمشق، وثلاث عشرة مرحلة من المدينة. عمدة القاري (٤/ ٩٧). (٥) رواه أبو داود في السنن، كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في أخذ الجزية، (٣/ ١٦٦)، (٣٠٣٧). قال ابن الملقن في البدر المنير (٩/ ١٨٥): "وفي هذا الإسناد عنعنة ابن إسحاق، وإنما حسّنا حديثه هذا؛ لأنه صرح بالتحديث في طريق آخر رواه البيهقي من حديثه … "، قال شعيب الأرناؤوط في تخريج شرح السنة (١١/ ١٠ - ١١): "رجاله ثقات، إلّا أن فيه تدليس ابن إسحاق"، وقال في رواية يزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر: "منقطع". (٦) انظر: معالم السنن (٣/ ٣٦)، المفاتيح في شرح المصابيح (٤/ ٤٤٧).