استدلَّ أصحاب القول الأوّل القائل- يفسد الصوم بتعمد استدعاء القيء إذا كان قليلًا -بما يلي:
الدليل الأوّل: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء وإن استقاء فليقض)(١).
وجه الدلالة من الحديث:
دل ثبوت القضاء على فساد الصوم بالاستقاء عمدًا، وظاهر اللفظ العموم؛ يستوي فيه حكم القليل والكثير (٢).
الدليل الثاني: القياس على سائر المفطرات، بجامع أن الكل مفسد للصوم القليل منه والكثير (٣).
الدليل الثالث: تكلف القيء واستدعاؤه لا يؤمن معه رجوع شيء منه للجوف غالبًا، فإذا تعمده فكأنه تعمد الابتلاع (٤).
واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل- يفسد الصوم باستدعاء القيء إذا كان أقل من ملء الفم-بما يلي:
الدليل الأوّل: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:(يُعَادُ الْوُضُوءُ مِنْ سَبْعٍ: … مِنْ قَيْءٍ ذَارِعٍ، أَوْ دَمٍ سَائِلٍ، أَوْ نَوْمٍ مُضْطَجِعٍ، أَوْ دَسْعَةٍ (٥) تَمْلَأُ الْفَمَ) (٦).
(١) تقدم تخريجه ص ٣٨٢. (٢) انظر: المغني (٣/ ١٣٢)، مرقاة المفاتيح (٤/ ١٣٩٣)، البدر التمام (٥/ ٦٣). (٣) انظر: المغني (٣/ ١٣٢)، المبدع (٣/ ٢٢). (٤) انظر: المبسوط، للسرخسي (٣/ ٥٦)، الإشراف (١/ ٤٣١)، المعونة (١/ ٤٧٣)، بحر المذهب (٣/ ٢٤٩). (٥) دسع يدسع ودسوعًا: أي دفعها حتى أخرجها من جوفه إللى فيه"، الدسعة: "الدفعة الواحدة من القيء"، النهاية (٢/ ١١٧)، لسان العرب (٨/ ٨٤). (٦) رواه القاسم بن سلام في الطهور (٤٠٢) (٤٠١)، والبيهقي في الخلافيات، (١/ ٣٦٣) (٦٣٧)، وقال: "سهل بن عفان مجهول، والجارود بن يزيد ضعيف في الحديث، ولا يصح هذا"، وقال الزيلعي في نصب الراية (١/ ٤٤): "ضُعف"، وقال ابن الأثير في النهاية (٢/ ١١٧): "وجعله الزمخشري حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -".