واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل- يضمن الإمام الزكاة إذا تسلفها من غير مسألة وتلفت في يده-بما يلي:
الدليل الأوّل: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه-قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقِيلَ: مَنَعَ … الْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - … (وَأَمَّا الْعَبَّاسُ فَهِيَ عَلَيَّ، وَمِثْلُهَا مَعَهَا) ثُمَّ قَالَ: (يَا عُمَرُ، أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ (٢) أَبِيهِ؟) (٣).
وجه الدلالة من الحديث:
ثبت بالحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد كان تسلف من العباس صدقة عامين من غير سؤال، وأخبر بقوله:(هي علي ومثلها) أن ضمانها عليه، فثبت أن الإمام يضمن الزكاة إذا تلفت في يده (٤).
نوقش: معنى قوله: "هي علي" أنا أُؤديها عنه برًا به وإحسانًا إليه، بدليل قوله: أن العم صنو الأب (٥).
الدليل الثاني: قياس ولاية الإمام على الفقراء على ولاية الوكيل فيما وكل به، بجامع أن الكل ولاية على أهل رشد، وعليه فيضمن الجميع ما قبضه وتلف في يده (٦).
(١) انظر: بدائع الصنائع (٢/ ٥٢). (٢) الصنو من النخل نخلتان أو ثلاث أو أكثر أصلهن واحد، ويقال صنو فلان: أي شقيقه، والمعنى أن أصل الأب والعم واحد، انظر: العين (٧/ ١٥٨)، غريب الحديث، القاسم بن سلام (٢/ ٢٤٦). (٣) رواه البخاري في كتاب الزكاة، باب في تقديم الزكاة ومنعها (٢/ ٦٧٦) (٩٨٣). (٤) انظر: أعلام الحديث، للخطابي (٢/ ٧٩٨)، معالم السنن (٢/ ٥٤، ٥٥)، الحاوي (٣/ ١٦٤)، العدة، لابن العطار (٢/ ٨٢٠). (٥) انظر: التجريد، للقدوري (٣/ ١٢٢٨)، فتح الباري، لابن حجر (٣/ ٣٣٣)، الكواكب الدراري (٨/ ١٥). (٦) انظر: الحاوي (٣/ ١٦٤)، المهذب (١/ ٣٠٧)، المجموع (٦/ ١٥٨).