واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل- تبطل الصلاة بانكشاف العورة - مطلقًا -، لا فرق بين الفرجين وغيرهما-بما يلي:
الدليل الأوّل: قال الله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}(١).
الدليل الثاني: عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ، قَالَ:(لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ)(٢).
وجه الدلالة من الآية والحديث:
المراد: بالزينة: الثياب عند الصلاة، ومعناه ستر العورة، وظاهر الأمر الوجوب وتقييده بالصلاة يفيد شرطيته لصحتها، ومفهوم ذلك بطلانها عند انكشاف العورة (٣).
يمكن أن يناقش: بطلان الصلاة إنما يكون بالانكشاف الكثير في الزمن اليسير، أو الانكشاف اليسير في الزمن الطويل، بدليل حديث عمرو بن سلمة.
الدليل الثالث: عن جَرْهَد (٤) -رضي الله عنه-قَالَ: جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَنَا وَفَخِذِي مُنْكَشِفَةٌ فَقَالَ:(أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ)(٥).
وجه الدلالة من الحديث:
نص الحديث يثبت وجوب ستر العورة مطلقًا (٦)، ومفهومه أن انكشاف شيء منها لا يجوز، وهو مبطل للصلاة.
(١) سورة الأعراف، من الآية (٣١). (٢) تقدم تخريجه ص ١٨٠. (٣) انظر: أحكام القرآن، ابن العربي (٢/ ٣٠٩)، كفاية النبيه (٢/ ٤٥٤)، النجم الوهاج (٢/ ١٨٨، ١٨٩). (٤) هو جرهد بن رزاح بن عدي الأسلمي، يكنى بأبي عبد الرحمن، كان شريفًا، توفي في خلافة معاوية، انظر: معجم الصحابة (١/ ٥٥٣)، الجرح والتعديل (٢/ ٥٣٩)، الثقات (٣/ ٦٢). (٥) رواه أبو داود، كتاب الحمام، باب النهي عن التعري (٤/ ٤٠) (٤٠١٤)، ذكر ابن رجب في فتح الباري (٢/ ٤٠٦): أن إسناده منقطع، وقال الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (٢): "صحيح". (٦) انظر: إرشاد الساري (١/ ٣٩٧)، المفاتيح في شرح المصابيح، للمظهري (٤/ ٢٥).