فذكر الله استكبارَهم (١) وإعراضَهم، فقال لأهلِ الَحرَمِ مِن المشركين: ﴿قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٦، ٦٧]. يعنى: أنهم يَسْتَكْبِرون بالحَرَمِ. وقال: ﴿بِهِ سَامِرًا﴾. لأنهم (٢) كانوا يَسْمُرُون، ويَهْجُرون القرآنَ والنبيَّ ﷺ. فخيَّر الإيمانَ باللهِ والجهادَ مع نبيِّ اللهِ على عُمْرانِ المشركين البيتَ، وقيامِهم على السِّقايةِ. ولم يكنْ يَنْفَعُهم عندَ اللهِ الشِّرْكِ به (٣)، أن كانوا يَعْمُرُون بيتَه ويَخْدُمُونه (٤). قال اللهُ: ﴿لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾. يعنى: الذين زعَموا أنهم أهلُ العمارةِ، فسَمَّاهم الله ظالمينَ بشِرْكِهم، فلم تُغْنِ عنهم عنهم العمارةُ شيئًا (٥).
حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أَخبرَنا مَعْمَرٌ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن النُّعمانِ بن بشيرٍ، أن رجلًا قال: ما أُبالى أن لا أعملَ عملًا بعدَ الإسلامِ، إلا أن [أَسْقِىَ الحاجَّ. وقال آخَرُ: ما أُبالى أن لا أعملَ عملًا بعدَ الإسلامِ، إلا أن](٦) أعْمُرَ المسجدَ الحرامَ. وقال آخَرُ: الجهادُ في سبيلِ اللهِ أفضلُ مما قُلْتُم. فزَجَرهم عمرُ وقال: لا تَرْفَعوا أصواتَكم عندَ منبرِ رسولِ الله ﷺ وذلك يومَ الجمعةِ - ولكن إذا صَلَّى الجمعةَ دَخَلْنا عليه. فنَزَلَت: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ إلى قولِه: ﴿لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ﴾ (٧).
(١) في ص، ت ١، ف: "استكتارهم". (٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف. (٣) بعده في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "و". (٤) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "يحرمونه". (٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٦٧ - ١٧٦٩ عن محمد بن سعد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢١٨ إلى ابن مردويه. (٦) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف. (٧) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢٦٨، وفيه: (عن رجل) بين يحيى والنعمان بن بشير.