وقال المروزي: دخلت على أبي عبد الله وهو مريض، فسألته، فتغرغرت عيناه، وجعل يخبرني ما مر به في ليلته من العلة.
والتحقيق أن الأنين على قسمين: أنين شكوى فيكره، وأنين استراحة وتفريج فلا يكره، والله أعلم.
وقد روى في أثر: أن المريض إذا بدأ بحمد الله، ثم أخبر بحاله، لم يكن شكوى وقال شقيق البلخي: من شكى من مصيبة نزلت به إلى غير الله، لم يجد في قلبه حلاوة لطاعة الله أبدا" (١).
[٣ - الندب والنياحة وشق الثياب ...]
الندب: تعداد محاسن الميت وما يلقون بفقده بلفظ النداء (٢). والإتيان بحرف الندبة (٣). مثل قولهم: وارجلاه، واجبلاه، واانقطع ظهراه، وأشباه هذا.
والنوح: قال في التيسير: "أي: رفع الصوت بالندب بتعديد شمائله لما في ذلك من التسخط على القدر والجزع المنافي للصبر، وذلك كقول النائحه: واعضداه، واناصراه، واكاسياه ونحو ذلك" (٤).
ومن أحاديث النهي عن ذلك حديث عَبْدِ الله بن مسعود عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ" (٥).
وحديث كريمة المزنية قالت: سمعت أبا هريرة وهو في بيت أم الدرداء يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة من الكفر بالله: شق الجيب، والنياحة، والطعن في النسب" (٦).
(١) عدة الصابرين ٣٢٤. (٢) المغني لابن قدامة ٢/ ٥٤٧. (٣) حاشية البجيرمي ١/ ٥٠٢. (٤) تيسير العزيز الحميد ص ٥١٨، وانظر سبل السلام ٢/ ١١٥. (٥) أخرجه البخاري (١٢٩٨) (١٢٩٤) ومسلم (١٠٣). (٦) أخرجه الحاكم في مستدركه في الجنائز ١/ ٣٨٣ وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي عليه.