قال في المصباح المنير:"الهوى مقصور، مصدر هويتُهُ إذا أحببته وعلِقت به، ثم أطلق على ميل النفس وانحرافها نحو الشيء، ثم استعمل في ميل مذموم فيقال: اتبع هواه، وهو من أهل الأهواء"(١).
والهوى المذموم: كل ما خالف الحق، وللنفس فيه حظ ورغبة من الأقوال والأفعال والمقاصد (٢).
وقال الراغب:"الهوى سمي بذلك لأنه يهوي بصاحبه في الدنيا إلى كل داهية وفي الآخرة إلى الهاوية"(٣).
وقد ذمَّ اللهُ اليهودَ لاتباعهم أهوائهم، حيث قادهم ذلك إلى تبديل شرع الله والكفر بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، وما جاء به من الوحي، قال تعالى:{أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ}[البقرة: ٨٧]، وقال تعالى:{لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ}[المائدة: ٧٠].
قال القرطبي - رَحِمَه اللَّهُ -: "قال الشعبي: إنما سمي الهوى هوىً لأنه يهوي بصاحبه في النار. وقال ابن عباس: ما ذكر الله هوى في القرآن إلا ذمّه الله. قال تعالى:{وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ}[الأعراف: ١٧٦]، وقال تعالى:{وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف: ٢٨]، وقال تعالى:{بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ}[الروم: ٢٩]، وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ
(١) المصباح المنير (هـ و ى). (٢) انظر الهوى وأثره في الخلاف ص ١٢. (٣) المفردات (هـ و ى).