على الناس في منازلهم، والقيام في ذلك من أفضل الجهاد في سبيل الله (١).
[٥ - تأثر الكهانة بحراسة السماء]
الكهانة كانت معروفة منذ القدم، وكان استراق الشياطين للسمع في الجاهلية كثيرًا جدًّا، وكان رمي الشياطين في الجاهلية موجودًا ولكن بقلة، قيل للزهري: أكان يرمى في الجاهلية؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت قوله سبحانه: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا}[الجن: ٩] قال: غلظت وشدّد أمرها حين بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢).
قال ابن قتيبة:"ولكن اشتدت الحراسة بعد المبعث وكانوا من قبل يسترقون ويرمون في بعض الأحوال فلما بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - منعت من ذلك أصلًا"(٣).
وحين بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ملئت حرسًا شديدًا وشهبًا وبعد موته - صلى الله عليه وسلم - بقيت السماء محروسة كذلك ولكن ليس كحال بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد كان استراق الشياطين للسمع قليلًا (٤)، قال ابن حجر:"وكانت إصابة الكهان قبل الإسلام كثيرة جدا كما جاء في أخبار "شق" و "سطيح" ونحوهما وأما في الإسلام فقد ندر ذلك جدا حتى كاد يضمحل ولله الحمد"(٥).
ويوضح هذا ما ذكره الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله حين قال:"اعلم أن الكهان الذين يأخذون عن مسترقي السمع موجودون إلى اليوم لكنهم قليل بالنسبة
(١) مجموع الفتاوى ٣٥/ ٩٤، ٩٧ وانظر مفتاح دار السعادة ٢/ ١٢٥، ١٢٩. (٢) مسند الإمام أحمد (١٨٨٢)، وجامع الأحكام للقرطبي ١٩/ ١٣. (٣) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٩/ ١٣ في تفسير سورة الجن الآية ٩. (٤) ويرى القرطبي أن حراسة السماء دامت في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد أن توفاه الله. انظر الجامع لأحكام القرآن في تفسيره قوله تعالى: {وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ} من سورة الصف. (٥) فتح الباري ١٠/ ٢٢٧.