رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنِّئُونِي بِالتَّوْبَةِ ويقُولُون: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ الله عَلَيْكَ حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحَوْلَهُ النَّاسُ فَقَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ الله يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي وَالله مَا قَامَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ قَالَ: فكَانَ كَعْبٌ لا يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ ... وذكر الحديث" (١).
قال الحافظ ابن حجر في فوائد حديث توبة كعب: "تهنئة من تجددت له نعمة، والقيام إليه إذا أقبل واجتماع الناس عند الإمام في الأمور المهمة وسروره بما يسر أتباعه، ومشروعية العارية، ومصافحة القادم والقيام له" (٢).
* ومن فعل السلف وأقوالهم:
ذكر رجاء بن حيوة عن رجل قال: كنا جلوسًا بباب معاوية، فخرج علينا معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - فقمنا له فقال: "لا تقوموا لحيٍّ ولا لميت" (٣).
وقال الأوزاعي رَحِمَهُ اللهُ: حدثني بعض حرس عمر بن عبد العزيز. قال: خرج علينا عمر بن عبد العزيز ونحن ننتظره يوم الجمعة فلما رأيناه قمنا فقال: "إذا رأيتموني فلا تقوموا ولكن توسعوا" (٤).
قال الخطيب البغدادي: "لما حج المهدي دخل مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يبق أحد إلا قام إلا ابن أبي ذئب، فقال له المسيب بن زهير: قم هذا أمير المؤمنين! فقال ابن أبي ذئب: إنما يقوم الناس لرب العالمين. فقال المهدي دعه فلقد قامت كل شعرة في رأسي" (٥).
(١) أخرجه البخاري (٣٨٨٩)، (٢٧٥٧) (٧٢٢٥)، ومسلم (٢٧٦٩) واللفظ له، وأبو داود (٢٢٠٢). (٢) الفتح ٧/ ٧٣١. (٣) الزهد لهناد السري ص ١٨٢، وتهذيب الآثار للطبري ١/ ٢٨٦، ٢٨٧. (٤) تاريخ دمشق ٦٨/ ١٨٤. (٥) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٢/ ٢٩٨، تذكرة الحفاظ ١/ ١٩٢، وانظر: سير أعلام النبلاء ٧/ ١٤٣ تذكرة الحافظ ١/ ١٩٢، وقصة مشابهة في البداية والنهاية لابن كثير ١٠/ ٣٦٥، وتاربخ بغداد ١١/ ٣٦١.