ولا تنقطع الهجرة ما تُقبلت التوبة، ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب، فإذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه وكفي الناس بالعمل" (١).
[أحكام وفوائد]
[١ - حكم الهجرة]
قال في المغني: "الناس في الهجرة على ثلاثة أضرب:
أحدها: من تجب عليه وهو من يقدر عليها ولا يمكنه إظهار دينه ولا يمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار فهذا تجب عليه الهجرة لقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء: ٩٧] وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب؛ ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
الثاني: من لا هجرة عليه وهو من يعجز عنها، إما لمرض أو إكراه على الإقامة، أو ضعف من النساء والولدان وشبههم فهذا لا هجرة عليه لقول الله تعالى: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (٩٩)} [النساء:٩٨] ولا توصف باستحباب؛ لأنها غير مقدور عليها.
والثالث: من تستحب له ولا تجب عليه، وهو من يقدر عليها لكنه يتمكن من إظهار دينه وإقامته في دار الكفر فاستحب له ليتمكن من جهادهم وتكثير المسلمين ومعونتهم" (٢).