الأمر أُقَلِّبُ الليل والنهار"، وفي رواية لأحمد: "بيدي الليل والنهار أُجِدْهُ وأبليه وأذهب بالملوك"، وفي رواية: "لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر، الأيام والليالي أجددها وأبليها وآتي بملوك بعد ملوك"، قال الحافظ: وسنده صحيح. فقد تبين بهذا خطأ ابن حزم في عده الدهر من أسماء الله الحسنى، وهذ غلط فاحش، ولو كان كذلك لكان الذين قالوا:{وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}[الجاثية: ٢٤] مصيبين"(١).
* وسب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: أن يصف الدهر بالشدة أو الغلظة ويقصد الخبر المحض دون اللوم، فهذا جائز مثل أن يقول: تعبنا من شدة حر هذا اليوم، أو برده ما أشبه ذلك، لأن الأعمال بالنيات ومثل هذا اللفظ صالح لمجرد الخبر، ومنه قول لوط عليه الصلاة والسلام:{هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ}[هود:٧٧](٢). ومنه أيضا قوله تعالى {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ}[فصلت:١٦] ويدخل فيه أيضا قول القائل: عام الحزن وعام المجاعة لأنه من باب الإخبار.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم:"وأما وصف الدهر بالشدة والرخاء والخير والشر فلا بأس بذلك كقوله سبحانه: {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا}، وقوله:{سَبْعٌ شِدَادٌ} وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه"، والأدلة على ذلك كثيرة جدًّا"(٣).
الثاني: قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَه الله: "أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل، كأن
(١) تيسير العزيز الحميد ٦١٧. (٢) مجموع فتاوى ابن عثيمين ١٠/ ٨٢٣. وانظر القول المفيد ط ١ - ٢/ ٣٥١. وفتح المجيد ص ٥٠٤. (٣) فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم ١/ ١٧٢.