وقد نقل ابن حجر كلامًا للقرطبي - رحمه الله - فقال:"وقد اتفقوا على كراهة شكوى العبد ربه، وشكواه إنما هو ذكره للناس على سبيل التضجر"(١).
وقال ابن حجر - رحمه الله -: "وأما إخبار المريض الطبيب أو صديقه عن حاله فلا بأس به اتفاقا"(٢).
وقال أيضًا عند شرح حديث عائشة "وارأساه": "وفيه أن ذكر الوجع ليس بشكاية فكم من ساكت وهو ساخط وكم من شاك وهو راض فالمعول في ذلك على عمل القلب لا على نطق اللسان"(٣).
٢ - الأنين؛ قال ابن القيم:"وأما الأنين فهل يقدح في الصبر، فيه روايتان عن الإمام أحمد قال أبو الحسين: أصحهما الكراهة لما روي عن طاووس أنه كان يكره الأنين في المرض. وقال مجاهد: كل شيء يكتب على ابن آدم مما يتكلم حتى أنينه في مرضه قال هؤلاء: وإن الأنين شكوى بلسان الحال ينافي الصبر. وقال عبد الله بن الإمام أحمد: "قال لي أبي في مرضه الذي توفي فيه: أخرج إليّ كتاب عبد الله بن إدريس. فأخرجت الكتاب، فقال أخرج أحاديث ليث بن أبي سليم، فأخرجت أحاديث ليث، فقال: اقرأ عليّ أحاديث ليث، قال: قلت لطلحة: أن طاوس كان يكره الأنين في المرض، فما سمع له أنين حتى مات. فما سمعت أبي أنّ في مرضه إلى أن توفي.
والرواية الثانية: أنه لا يكره ولا يقدح في الصبر. قال بكر بن محمد عن أبيه سئل أحمد عن المريض يشكو ما يجد من الوجع، فقال: تعرف فيه شيئا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، حديث عائشة "وارأساه"(٤)، وجعل يستحسنه.
(١) فتح الباري ١٠/ ١٢٩. (٢) فتح الباري ١٠/ ١٢٩. (٣) الفتح لابن حجر ١٠/ ١٣١. (٤) سبق تخريجه.