وفي رواية لمسلم عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله يَقُولان عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لِكُلِّ نَبيٍّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَا بِهَا فِي أُمَّتِهِ وَخَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ"(١).
قال القاضي عياض:"قال أهل العلم: معناه دعوة أُعْلِمَ أنها تستجاب لهم ويبلغ فيها مرغوبُهم، وإلا فكم لكل نبي منهم من دعوة مستجابة، ولنبينا - صلى الله عليه وسلم - منها ما لا يعد، لكن حالهم عند الدعاء بها الرجاء والخوف، وضمنت لهم إجابة دعوة فيما شاءوه ويدعون بها على يقين من الإجابة"(٢).
وقال الإمام ابن خزيمة رَحِمَهُ اللهُ:"أخّر نبينا محمد - عليه السَّلام - دعوته ليجعلها شفاعة لأمته، لفضل شفقته ورحمته ورأفته بأمته فجزى الله نبينا - عليه السَّلام - أفضل ما جزى رسولا عمن أرسل إليهم، وبعثه المقام المحمود الذي وعده ليشفع لأمته، فإن ربنا عَز وجل غير مخلف وعده، ومنجز نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما أخر من مسألته في الدنيا وقت شفاعته لأمته يوم القيامة"(٣).
وجاء في الصحيحين أيضا عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي" وذكر منها "وأعطيت الشفاعة"(٤).
وعن أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَنا سَيّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْر، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّع"(٥).
وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعًا، وهو حديث طويل " ... فَيَقُولُ الله عَز وجل شَفَعَتْ الْمَلائِكَةُ وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ... الحديث"(٦).
(١) أخرجه مسلم (١٩٩). (٢) الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض ١/ ٢٢٣. (٣) كتاب التوحيد لابن خزيمة ٢/ ٦٢٢. (٤) أخرجه البخاري (٤٣٨) (٣٣٥) ومسلم (٥٢١). (٥) صحيح مسلم (٢٢٧٨). (٦) أخرجه مسلم (١٨٣).