إنسان له نسب مع غيره إما بوجه قريب أو بوجه بعيد، وهو الانتساب إلى آدم ﵇، ولا بد وأن يكون هو أقرب إليه من ولده، فيلزم دخول كل الخلق في هذا النص وهو باطل، ولما بطل هذا الاحتمال وجب حمل النص على الاحتمال الثاني وهو أن يكون المراد من الأقربين من كان أقرب الناس إليه، وما ذاك إلا الوالدان والأولاد، فثبت أن هذا النص لا يدخل فيه ذوو الأرحام، لا يقال: لو حملنا الأقربين على الوالدين لزم التكرار، لأنا نقول: الأقرب جنس يندرج تحته نوعان: الوالد والولد، فثبت أنه تعالى ذكر الوالد، ثم ذكر الأقربين، فيكون المعنى أنه ذكر النوع، ثم ذكر الجنس فلم يلزم التكرار" (١).
والجواب عن الوجه الأول الذي ذكره الرازي: أن قوله تعالى: ﴿نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ لا يخرجهم من حكمها وكونهم مرادين بها لأن الذي يجب لذوي الأرحام عند موجبي مواريثهم هو نصيب مفروض لكل واحد منهم وهو معلوم مقدر كأنصباء ذوي السهام لا فرق بينهما من هذا الوجه وإنما أبان الله تعالى أن لكل واحد من الرجال والنساء نصيبا مفروضا غير مذكور المقدار في الآية لأنه مؤذن ببيان وتقدير معلوم له يرد في التالي فكما ورد البيان في نصيب الوالدين والأولاد وذوي السهام بعضها بنص التنزيل وبعضها بنص السنة وبعضها بإجماع الأمة وبعضها بالقياس والنظر كذلك قد روى بيان أنصباء ذوي الأرحام بعضها بالسنة وبعضها بدليل الكتاب وبعضها باتفاق الأمة من حيث أوجبت الآية لذوي الأرحام أنصباء فلم يجز إسقاط عمومها فيهم ووجب توريثهم بها ثم إذا استحقوا الميراث بها كان المستحق من النصيب المفروض على ما ذهب إليه القائلون بتوريث ذوي الأرحام فيهم فهم وإن كانوا مختلفين في بعضها فقد اتفقوا في البعض وما اختلفوا فيه لم يخل من دليل لله تعالى يدل على حكم فيه (٢).
والجواب عن الوجه الثاني: أنه لا يُسلَّم بحصر من كان أقرب الناس إليه بالوالدان والأولاد، إذ إنه يدخل في الأقربين من الأعمام والعمات والأخوال والخالات وأولادهم،