إلى أن قعدت القواعد ووضعت الضوابط التي يعرف بها قوة الحديث أو وهنه وكان من تلك الضوابط علم إسناد الحديث فقد اعتني بهذا الجانب منذ وقت مبكر، واهتم به العلماء حتى جعلوه من الدين قال عبد الله بن المبارك (١): "الإسناد من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء"، وقال:"بيننا وبين القوم قوائم" يعني الإسناد (٢).
ولقد اشتغل علماء الحديث بنقد الرواة وبيان حالهم ومن تقبل روايته ومن لا تقبل من خلال دراسة الراوي سيرة وتاريخا ومعتقدا وسلوكا، ولم تأخذهم في ذلك لومة لائم، وقد قيل ليحي بن سعيد القطان:"أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله يوم القيامة؟، فقال: لأن يكون هؤلاء خصمي أحب إلي من أن يكون خصمي رسول الله ﷺ يقول: لِمَ لَمْ تذُبَّ الكذب عن حديثي"(٣).
وهذه لمحة وإشارة لما بذله السلف من جهود في حفظ السنة والذب عنها
(١) عبد الله بن المبارك المروزي، الإمام الحافظ، شيخ الإسلام، كان ثقة، مأمونا، حجة، كثير الحديث، مات سنة ١٨١ هـ. تهذيب التهذيب (٥/ ٣٨٢ - ٣٨٩). (٢) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي للدكتور مصطفى السباعي (ص ٩٢). (٣) السنة ومكانتها (ص ٩٣).