للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام ابن كثير : «فقد أخبر اللهُ العظيم أنَّه قد رضي عن السَّابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، فيا ويل مَنْ أبغضهم أو سَبَّهم أو أبغض-أو سَبَّ-بَعضهم، ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول وخَيرهم وأفضلهم-أعني الصديق الأكبر والخليفة الأعظم-أبا بكر بن أبي قحافة ، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يُعادون أفضل الصحابة ويُبغضونهم ويسبونهم؛ عياذًا بالله من ذلك. وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة وقلوبهم منكوسة، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن إذ يسبون مَنْ قدم الله ذكرهم ورفع شأنهم.

وأمَّا أهل السنة فإنهم يَترضون عنهم، ويَسبون مَنْ سَبَّه اللهُ ورسولُه، ويُوالون مَنْ يُوالي الله، ويُعادون مَنْ يعادي الله، وهم مُتَّبعون لا مُبتدعون، ويَقتدون ولا يَبتدئون، ولهذا هم حزبُ الله المُفلحون وعباده المؤمنون» (١).

وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥].

والمراد ب ﴿المؤمنين﴾ في الآية: أصحاب النبي ؛ فتوعد الله مَنْ اتبع غير سبيلهم بعذاب جهنم، ووعد مُتبعهم بإحسان بالرِّضوان في قوله جل وعلا: ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رضي الله عنهم وَرَضُوا عَنْهُ﴾.

وقال مالك بن أنس: "لو لقي الله رجل بملء الأرض ذنوبا ثم لقي الله


(١) تفسير ابن كثير» (٤/ ٢٠٣).

<<  <   >  >>