وثبت في الصحيح عن انس بن مالك قال لما كثر الناس قال تذاكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه فذكروا أن يوروا نارا أو يضربوا ناقوسا فأمر بلال ان يشفع الأذان ويوتر الإقامة وفي رواية للبخاري (إلا الإقامة)، وفي سنن أبى داود وغيره أن عبد الله بن زيد لما أرى الأذان وأمره النبي أن يلقيه على بلال فألقاه عليه وفيه التكبير أربعا بلا ترجيع.
وإذا كان كذلك فالصواب مذهب أهل الحديث ومن وافقهم وهو تسويغ كل ما ثبت في ذلك عن النبي لا يكرهون شيئا من ذلك إذ تنوع صفة الأذان والإقامة كتنوع صفة القراءات والتشهدات ونحو ذلك وليس لأحد أن يكره ما سنه رسول الله لأمته.
وأما من بلغ به الحال إلى الاختلاف والتفرق حتى يوالى ويعادى ويقاتل على مثل هذا ونحوه مما سوغه الله تعالى كما يفعله بعض أهل المشرق فهؤلاء من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا وكذلك ما يقوله بعض الأئمة ولا أحب تسميته من كراهة بعضهم للترجيع وظنهم أن أبا محذورة غلط في نقله وأنه كرره ليحفظه ومن كراهة من خالفهم لشفع الإقامة مع أنهم يختارون أذان أبى محذورة وهؤلاء يختارون إقامته ويكرهون أذانه وهؤلاء يختارون أذانه ويكرهون إقامته فكلاهما قولان متقابلان والوسط أنه لا يكره لا هذا ولا هذا، وإن كان أحمد وغيره من أئمة الحديث يختارون أذان بلال وإقامته لمداومته على ذلك بحضرته فهذا كما يختار بعض القراءات والتشهدات ونحو ذلك