لأنهم إذا أسقطوا الوحي وقطعوا عليك طريق الوحي فسيتساوى قولُ محمد مع قولِ أي بشرٍ من الناس.
فتسلَّط أعداءُ الله على باب الصفات من أجلِ أن يشكِّكُّوا في كلامِ الله وأن يشكِّكُّوا في وجودِ الله وذلك بإنكارهم بأن يكون القرآن كلامُ الله حقيقة، وإنكارهم لعلو الله ﷿.
فوقفَ أهلُ السنَّة موقفاً عظيماً صلباً حتى إنه كما هو معلوم في زمن فتنةَ القولِ بخلقِ القرآن، فقام المأمون وهو كان من المعتزلة ويتبنَّى قول المعتزلة، فعذَّب مَنْ عذَّب من العلماء وفصَلَهم عن وظائفهم وسجنهم وقام بتعذيبهم لأجلِ أن يرفعَ هذا الشعار؛ أن القرآنَ مخلوق وأنه ليس كلامُ الله حقيقة.
صفة الكلام تأتي-من حيث الأهمية-بعد صفة العُلو لله ﷾؛ لذلك اهتم بها أئمة السلف، وأكدوا على ثُبوتها لله تعالى حقيقة، وأوردوا في ذلك أدلة كثيرة، ودفعوا شبهات المعطلة من الجهمية والمعتزلة ومَن دَار في فَلَكهم القائلين بأنَّ الله خلق القرآن في غيره، وردوا كذلك على الكلَّابية الذين قالوا: القرآن حكاية عن كلام الله، وردوا-أيضًا-على الأشاعرة الذين قالوا: القرآن عبارة عن كلام الله.
فالمعطلة أرادوا بقولهم هذا: إسقاط قيمة الوحي؛ ليصبح لدى الناس خلل في اتباع الوحي، فأهل السنة يؤمنون بأن أول مصدر للتشريع هو وحي الله تعالى إلى رسوله ﷺ، أي: كلامه بحروفه ومعانيه، وأن الله تعالى قاله بحرف وصوت.