ولذلك قال النبي ﷺ:«خير الناس قرني»(١)، فأعطاهم الخيرية، ونحن من جاء بعدهم ليس لنا إلا أن نترضى عليهم.
ربنا ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، فهؤلاء الذين سبقونا بالإيمان وسبقونا بالفضل، وسبقونا بالنصرة، وسبقونا الذود عن حياض الإسلام، وكذلك هم نقلة لكتاب الله، وذلك كونهم دلونا لهذا الخير فلهم أُجورنا وأجر من عمل بهذا العمل إلى يوم القيامة، وكما قال بعض السلف:"من طعن في أصحاب النبي ﷺ فمراده ليس أعيانهم"(٢) أعيانهم عند الله ﷿ قدرهم ومكانتهم ومنزلتهم.
لكن أراد هذا الطاعن أن يطعن في النقلة ليطعن في هذا الدين، هؤلاء هم النقلة هؤلاء هم الحفظة الذين نقلوا لك كلام الله ﷿ وكلام رسوله ﷺ، فإذا أنت طعنت في الناقل فإنما تقصد الطعن في المنقول، والمنقول ما هو؟ كتاب الله ﷿ وسنة نبيه ﷺ، فإذا شُككت في الناقل فهذا التشكيك القصد منه التشكيك في المنقول، والمنقول هو كلام الله ﷿ وكلام رسوله ﷺ.
من جمع هذا القرآن؟ من حفظه وقدمه لهذه الأمة؟ أليسوا هم أصحاب النبي ﷺ، فإذا شككت في عدالتهم وشككت في أمانتهم فعند ذلك ما
(١) انظر صحيح البخاري كتاب الرقاق، باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها، برقم (٦٤٢٩)، ومسلم كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة رضي الله تعالى عنهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، برقم (٢٥٣٦)، والترمذي (٣٨٥٩)، وابن ماجه (٢٣٦٢)، وأحمد (٣٥٨٣). (٢) انظر الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي صفحة (٤٩).