والخلاف الذي وقع في ذلك خلاف يسير، وما وقع إلا في المفاضلة بينهما، وتقديم أحدهما على الآخر في الفضل دون الخلافة، فإنهم مجمعون بلا خلاف على تقديم عثمان علي علي في الخلافة، وعلى صحة الخلافتين، ثم إن ذاك الخلاف قد انقضى واستقر أمر أهل السنة على تفضيل عثمان علي علي ورجع بعض من قال بتقديم علي إلى تقديم عثمان، يقول ابن تيمية ﵀:«مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي ﵄ بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر، أيهما أفضل، فقدم قوم عثمان وسكتوا وربعوا بعلي، وقدم قوم عليا، وقوم توقفوا)، قال: «لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان علي علي، وإن كانت هذه المسألة-مسألة عثمان وعلي-ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة، لكن التي يضلل فيها هي مسألة الخلافة، وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله ﷺ أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله»(١).
قال ابن حجر:«الإجماع انعقد بأخره بين أهل السنة أن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة»(٢).
وروى ابن عبد البر بسنده أن مالكا سئل: من تقدم بعد رسول الله؟
(١) العقيدة الواسطية-ضمن المجموعة العلمية السعودية-ص ٨٦. (٢) فتح الباري ٧/ ٣٤.