الأول: أن هذا التأويل خارج عن جميع اللغات فضلًا عن لغة العرب الذي نزل بها الكتاب العزيز، فلا يُعرف في اللغة العربية تأويل الإصبع بالقدرة.
الثاني: إنما هي قدرة واحِدة قد كفَتِ الأشياءَ كلَّها وملأتها واستنطقتها، فكيف صارت للقلوب من بين الأشياء قدرتان؟! ومما يبطلُ هذا التأويلَ: أن الإصبع في الحديث مثنَّاة» إصبعين من أصابع الرحمن. «
وأما حكايةُ التأويل لهذا الحديث عن الإمام أحمد: فقد حكى أبو حامد الغزاليُّ أنه سمع بعضَ الحنابلة يقول: إن الإمامَ أحمدَ حسَم باب التأويل إلا لثلاثة ألفاظ؛ ومنها قوله ﷺ: «قلب المؤمِن بين إصبعين من أصابع الرحمن» (٢)
فالجواب عن هذه الحكاية: أن هذه الحكاية لا تصحُّ، ولم تنقل بإسنادٍ صحيح عن الإمام أحمد؛ وقد ردَّها شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله:"فهذه الحكايةُ كذبٌ على أحمد، لم ينقُلها أحد عنه بإسناد؛ ولا يعرف أحدٌ من أصحابه نقلَ ذلك عنه، وهذا الحنبليُّ الذي ذكر عنه أبو حامد مجهولٌ لا يعرف، لا علمُه بما قال، ولا صِدقُه فيما قال"(٣).
(١) نقض الإمام عثمان الدارمي على بشر المريسي (١/ ٣٦٩ - ٣٧٠). (٢) قواعد العقائد (ص: ١٣٥ (. (٣) مجموع الفتاوى (٥/ ٣٩٨).