للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجرته التي دفن فيها وذلك لمن قدم من سفر هو ما أفتي به باقي الأئمة الأربعة.

وقد احتجوا بفعل ابن عمر كما احتج به مالك (١).

ومنهم من احتج بحديث "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام" (٢).

فقد اعتمد الإمام أحمد في زيارة قبره المكرم على هذا الحديث. وعن أحمد أخذ ذلك أبو داود (٣) فلم يذكر في زيارة قبره المكرم غير هذا الحديث وترجم عليه: "باب زيارة القبر" (٤).

فهذا الحديث هو عمدة الإمام أحمد وأبي داود وأمثالهم وهو غاية ما عندهم في هذا الباب عن النبي إلا أن دلالة الحديث على المقصود فيها نزاع وتفصيل (٥).


(١) الرد على الأخنائي (ص ١٣٧ - ١٣٨).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند (٢/ ٥٢٧).
وأخرجه أبو داود في سننه، كتاب المناسك، باب زيارة القبور (٢/ ٥٣٤) ح ٤١ - ٢٠، وعزاه السخاوي في القول البديع (ص ١٦١) إلى الطبراني والبيهقي أيضا والحديث لا يسلم من مقال في إسناده. قال ابن عبد الهادي: أما المقال في إسناده فمن جهة تفرد أبي صخر به عن ابن قسيط عن أبي هريرة. ولم يتابع ابن قسيط أحد في روايته عن أبي هريرة ولا تابع أبا صخر أحد في روايته عن ابن قسيط. الصارم المنكي (ص ٢٥٠) وحميد بن زياد أبو صخر، و-يزيد بن عبد الله بن قسيط فيهما كلام قال ابن عبد الهادي: وأبو صخر حميد بن زياد قد اختلف الأئمة في عدالته والاحتجاج بخبره مع الاضطراب في اسمه وكنيته واسم أبيه، فما تفرد به من الحديث ولم يتابعه عليه أحد لا ينهض إلى درجة الصحة بل يستشهد به ويعتبر به. انتهي كلامه.
وهذا الحديث مما تفرد به كما سبق بيانه من كلام ابن عبد الهادي. وقد ذكر ابن عبد الهادي أقوال أئمة الجرح والتعديل في كل من حميد بن زياد أبي صخر ويزيد بن عبد الله بن قسيط وقال في نهاية نقله والحديث إسناده مقارب وهو صالح أن يكون متابعا لغيره عاضدًا له والله أعلم. الصارم المنكي (ص ٢٥٩).
(٣) سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد الأزدي، السجستاني أبو داود، مصنف السنن وغيرها، ثقة حافظ من بار العلماء وأئمة الحديث، مات سنة خمس وسبعين ومائتين. تهذيب التهذيب (٤/ ١٦٩ - ١٧٣).
(٤) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٣٣٠).
(٥) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولو أريد إثبات سنة لرسول الله بمثل هذا الحديث لكان هذا مختلفا فيه، فالنزاع في إسناده ودلالة متنه". الرد على الأخنائي (ص ٢٠٣).
وقال ابن عبد الهادي: "وهذا الحديث لا يسلم من مقال في إسناده ونزاع في دلالته "وقد تقدم الكلام على إسناده (وأما نزاع في دلالة الحديث فمن جهة احتمال لفظه فإن قوله: "ما من أحد يسلم علي" يحتمل أن يكون المراد به عند قبره ما فهمه جماعة من الأئمة ويحتمل أن يكون معناه على العموم وأنه لا فرق في ذلك بين القريب والبعيد وهذا هو ظاهر الحديث وهو الموافق للأحاديث المشهورة. الرد على السبكي (ص ٢٥٩)

<<  <   >  >>