للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و «المُرتاب»: الشَّاكُّ والمُنافقُ وشبههمَا، «فَيَقُولُ: هَاه هَاه؛ لَا أَدْري، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلتُهُ»، يعني: لم يَلجِ الإيمانُ قلبَهُ، وإنَّمَا كانَ يقولُ كما يقولُ النَّاسُ مِنْ غيرِ أن يَصِلَ الإيمانُ إلى قلبِهِ.

وَتَأَمَّل قولَهُ: «هاه هاه» كأنَّ شيئًا غَابَ عنهُ يريدُ أن يَتذكرَه، وَهَذا أشدُّ في التَّحَسُّرِ أن يتخيَّلَ أنَّهُ يَعْرِفُ الجوابَ، ولكن يُحالُ بينهُ وبينهُ، ويقولُ: «هاه هاه»، ثمَّ يقولُ: «سمعتُ الناسَ يقولونَ شيئًا فقلتُهُ»، وَلَا يقولُ: رَبِّيَ الله، وَلَا ديني الإسلام، وَلَا نَبِيِّ محمَّد؛ لأَنَّهُ فِي الدُّنيا مُرتابٌ شاكٌّ.

هذا إِذَا سُئِلَ فِي قَبرِهِ وَصَارَ أحوج مَا يكونُ إِلَى الجَوَابِ الصَّوَابِ يَعجزُ، وَيَقولُ: «لَا أدري سَمِعتُ النَّاسَ يقولونَ شَيئًا فقلتُهُ».

إِذًا؛ إيمانُه قولٌ فَقَط» (١).

وللناس في سؤال منكر ونكير: هل هو خاص بهذه الأمة أم لا ثلاثة أقوال: الثالث: التوقف، وهو قول جماعة، منهم: أبو عمر بن عبد البر، فقال: وفي حديث زيد بن ثابت عن النبي ، قال: «إن هذه الأمة تبتلى في قبورها» (٢)، منهم من يرويه: تُسأل (٣)، وعلى هذا اللفظ يحتمل أن تكون هذه


(١) انظر: «شرح الواسطِيَّة» (ص ٤٨٠ - ٤٨٢).
(٢) رواه مسلم (٢٨٦٧).
(٣) رواه الطبري في «تفسيره» (١٦/ ٦٠٠ - ٦٠١) عن الربيع، وأبي قتادة، وغيرهما. وعزاه ابن عبد البر في «التمهيد» (٢٢/ ٢٥٤) لابن أبي شيبة، وقال: وقال ابن أبي شيبة: تُسأل في قبورها. ولم أجده في «مصنفه» إنما روى الحديث (٣/ ٥٠) كما في «صحيح مسلم» -حيث رواه مسلم من طريق ابن أبي شيبة أصلاً- «إن هذه الأمة تبتلى في قبورها … ».

<<  <   >  >>