للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مباين لغيره من المخلوقات وأن الله قد اختصه وميزه بأمور كثيرة منها، أن له حملة يحملونه اليوم ويوم القيامة، وأن الله قد أخبر بوجوده قبل خلق السموات والأرض وقبل وجود الأفلاك وأن الله سبحانه تمدح نفسه بأنه ذو العرش، ووصف العرش بأنه مجيد، وعظيم، وكريم، فكل هذه الميزات والخصائص تبطل قول المنازع لأنه يقول بأن نسبة الفلك الأعلى إلى ما دونه كنسبة الآخر إلى ما دونه، ذلك لأنه لو كان العرش من جنس الأفلاك لكان إلى ما دونه كنسبة الآخر إلى ما دونه، وهذا لا يوجب خروجه عن الجنس وتخصيصه بالذكر (١).

كما أن مما يدل على فساد قولهم ما ثبت في الشرع من أن للعرش قوائم وأنه يهتز، ومعلوم أن الأفلاك مستديرة وليس لها قوائم، كما أنها متحركة دائماً بحركة متشابهة لا تتغير، كما ثبت أيضاً أن العرش أثقل الأوزان، وهم يقولون إن الفلك لا ثقيل ولا خفيف (٢).

فعلم مما تقدم انتفاء الدليل العقلي عند هؤلاء كما علم مخالفتهم للأدلة الشرعية وإبطالها لأقوالهم، ويضاف إلى هذا مخالفتهم للغة العرب، فالعرب لا تفهم من كلمة العرش هذا المعنى ولا هو مستعمل في لغتها، والقرآن إنما نزل بما يفهمون.

وبعد هذا كله لا تبقى أدنى شبهة في فساد هذا القول وبطلانه والله أعلم.


(١) المصدر السابق (ص ٣ - ٧).
(٢) جلاء العينين في محاكمة الأحمدين (ص ٣٦٣).

<<  <   >  >>