أتقرون أن لله عرشاً معلوماً، موصوفاً فوق السماء السابعة، تحمله الملائكة، والله فوقه كما وصف نفسه، بائن من خلقه! فأبى أن يقر به كذلك، وتردد في الجواب وخلط ولم يصرح.
قال أبو سعيد: فقال لي زعيم منهم كبير: لا، ولكن لما خلق الله الخلق يعني السموات والأرض وما فيهن سمى ذلك كله عرشاً له، واستوى على جميع ذلك كله) (١).
وقال ابن تيمية -في سياق كلامه على حملة العرش-: (ثم إن قوله تعالى ﴿الذين يحملون العرش ومن حوله﴾ [غافر ٧]، وقوله ﴿ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية﴾ [الحاقة ١٧]، يوجب أن لله عرشاً يحمل، يوجب أن ذلك العرش ليس هو الملك، كما تقوله طائفة من الجهمية)(٢).
وقال الزمخشري:(إنه لما كان الاستواء على العرش وهو سرير الملك مما يرادف الملك جعلوه كناية عن الملك، فقالو: استوى فلان على العرش يريدون ملك، وإن لم يقعد على السرير البتة، وقالوه أيضاً في شهرته في ذلك المعنى ومساواته ملك في مؤداه، وإن كان أشرح، وأبسط، وأدل، على صورة الأمر)(٣).
وقال البغدادي: (والصحيح عندنا تأويل العرش في هذه الآية على معنى
(١) الرد على الجهمية (ص ١٢ - ١٣). (٢) نقض تأسيس الجهمية (٣) الكشاف (٢/ ٥٣٠).