وإما إثباتها ولكن على أنها رؤية بالقلب، وليست رؤية بالعين، فقد حصل الاختلاف بين الصحابة في هذه المسألة، فعائشة-﵂-ومن معها لم يثبتوا هذه الرؤية.
وابن عباس أثبتها، ولكن رواية عند عباس بين أن تكون مطلقة حيث قال:"رأى محمد ربه" ومقيده بقوله: "رأى محمد ربه بقلبه"(١)
والصواب: كما يرى شيخ الإسلام بن تيمية أن الرؤيا وقعت بالقلب ولم تقع بالعين.
قال الإمام ابن القيم: «حكى عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب (الرؤية) له: إجماع الصحابة على أنه لم ير ربه ليلة المعراج، وبعضهم استثنى ابن عباس فيمن قال ذلك، وشيخنا-أي: ابن تيمية-يقول: ليس ذلك بخلاف في الحقيقة، فإن ابن عباس لم يقل: رآه بعيني رأسه، وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين حيث قال: إنه-ﷺ-رآه ﷿، ولم يقل: بعيني رأسه، ولفظ أحمد لفظ ابن عباس ﵄، ويدل على صحة ما قال شيخنا في معنى حديث أبي ذر-﵁ عن النبي-ﷺ-في الحديث الآخر:«حجابُه النُّورُ»(٢)، فهذا النور هو-والله
(١) انظر صحيح مسلم كِتَابُ الْإِيمَانَ، بَابُ مَعْنَى قَوْلِ اللهُ ﷿: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم: ١٣]، وَهَلْ رَأَى النَّبِيُّ ﷺ رَبَّهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، برقم (١٧٦)، والترمذي (٣٢٨١) وقال عقبه هذا حديث حسن، والإمام أحمد في المسند مِنْ مُسْنَدِ بَنِي هَاشِمٍ (١٩٥٦). (٢) أخرجه مسلم (١٧٩) من حديث أبي موسى ﵁.