القسم الأول: تارة يبوحون بحقيقة القول، فيقولون: أن الله لم يكلم موسى تكليماً ولا يتكلم.
القسم الثاني: وتارة لا يظهرون هذا اللفظ لما فيه من الشناعة المخالفة لدين الإسلام واليهود والنصارى، فيقرون باللفظ ولكن يقرنونه بأنه خلق في غيره كلاماً.
وقد تولى كِبْر مسألة القول بخلق القرآن: الجهميةُ والمعتزلة النفاة للصفات.
وادعاء القول بأن القرآن مخلوق، هو جرم عظيم وذنب كبير، لسببين:
الأول: أن هذا الادِّعاءَ قولٌ على الله بغير علم، وجعل الله القولَ عليه بغير علم فوق الشرك؛ قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٣].
فجعل القول على الله بلا علم فوق الشرك.
الثاني: أنه كذب على الله؛ قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ﴾ [الزمر: ٦٠]؛ فهو متوعَّدٌ بأن يسودَّ وجهُه يوم القيامة، نعوذ بالله.
ومعنى افتراء الجهمية والمعتزلة هذا: أن الله لم يكن قبل ذلك متكلمًا، ثم تكلم، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.