الهزيمة أو التوبة إن أسلموا أو العذاب إن أصروا على الكفر" (١).
وروى الإمام أحمد عن سالم عن أبيه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللهم العن فلانًا، اللهم العن الحارث بن هشام، اللهم العن سهيل بن عمرو، اللهم العن صفوان بن أمية". قال: فنزلت هذه الآية {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} فتيب عليهم كلهم"(٢).
وقال الحافظ ابن حجر معلقًا على الحديث السابق:"والثلاثة الذين سماهم قد أسلموا يوم الفتح، ولعل هذا هو السر في نزول قوله تعالى:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} "(٣).
وقال الإمام ابن خزيمة بعد أن ذكر الأحاديث في ذلك: "ففي هذه الأخبار دلالة على أن اللعن منسوخ بهذه الآية لا أن الدعاء الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو لمن كان في أيدي أهل مكة من المسلمين أن ينجيهم الله من أيديهم، إذ غير جائز أن تكون الآية نزلت {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} في قوم مؤمنين في يدي قوم كفار يعذبون، وإنما أنزل الله عزَّ وجلَّ هذه الآية {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} فيمن كانوا يدعو النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم باللعن من المنافقين والكفار فأعلمه الله عزَّ وجلَّ أن ليس للنبي - صلى الله عليه وسلم - من الأمر شيء في هؤلاء الذين كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلعنهم في قنوته وأخبر أنه إن تاب عليهم فهداهم للإيمان أو عذبهم على كفرهم ونفاقهم فهم ظالمون وقت كفرهم ونفاقهم لا من كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو لهم من المؤمنين أن ينجيهم من أيدي أعدائهم من الكفار، فالوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش
(١) تحفة الأحوذي ٨/ ٢٨٢. (٢) أخرجه الإمام أحمد (٥٦٧٤). (٣) فتح الباري ٧/ ٣٦٦.