ويقول السعدي عند تفسيره لقوله تعالى:{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}: "حقيقة الإيمان هو التصديق التام بما أخبرت به الرسل المتضمن لانقياد الجوارح، وليس الشأن في الإيمان بالأشياء المشاهدة بالحس، فإنه لا يتميز بها المسلم من الكافر إنما الشأن في الإيمان بالغيب الذي لم نره ولم نشاهده وإنما نؤمن لخبر الله وخبر رسوله فهذا الإيمان الذي يميز به المسلم من الكافر؛ لأنه تصديق مجرد لله ورسوله، فالمؤمن يؤمن بكل ما أخبر الله به وأخبر به رسوله سواء شاهد أو لم يشاهده، وسواء فهمه وعقله أو لم يهتد إليه عقله وفهمه بخلاف الزنادقة المكذبين بالأمور الغيبية؛ لأن عقولهم القاصرة المقصرة لم تهتد إليها فكذبوا. لم يحيطوا بعلمه ففسدت عقولهم، ومرجت أحلامهم" (٢).
* الدليل من السنة: عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلمُ ما في غدٍ إلا الله،
(١) مجموع الفتاوى ١٣/ ٢٣٢، ٢٣٣. (٢) تفسير السعدي ١/ ٤١.