ويراد بالظلم ما لا ينقل عن الملة، كقوله تعالى:{فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ}[فاطر:٣٢]، وقوله:{وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[البقرة: ٢٢٩].
وحديث ابن مسعود هذا: صريح في أن المراد بقوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}: أن الظلم هو الشرك.
وجاء في بعض رواياته: زيادةٌ. قال:"إنما هو الشرك"" (١).
وقال رحمه الله في موضع آخر: "وهو نوعان:
أحدهما: ظلم النفس، وأعظمه الشرك، كما قال تعالى:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} فإن المشرك جعل المخلوقَ في منزلة الخالق فعبده وتألهه، فوضع الأشياء في غير موضعها، وأكثر ما ذُكِر في القرآن من وعيد الظالمين إنما أُريد به المشركون، كما قال عز وجل:{وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[البقرة: ٢٥٤]، ثم يليه المعاصي على اختلاف أجناسها من كبائر وصغائر.
والثاني: ظلمُ العبد لغيره، وهو المذكور في هذا الحديث (٢)، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبته في حجة الوداع: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة
(١) فتح الباري لابن رجب ١/ ١٣٢. (٢) يعني الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا) رواه مسلم (٥٧٧).