على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم» (١).
وفي صحيح مسلم: عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«كيف أنتم إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم؟ أي قوم أنتم؟» قال عبد الرحمن ابن عوف: نقول كما أمر الله تعالى. قال:«أو غير ذلك؛ تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون»(٢).
وفي الصحيحين من حديث عقبة بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معناه أيضا. (٣)
ولما فتحت كنوز كسرى على عمر بن الخطاب رضي الله عنه بكى وقال:(إن هذا لم يفتح على قوم قط إلا جعل بأسهم بينهم) أو كما قال.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخشى على أمته هاتين الفتنتين، كما في مسند الإمام أحمد، عن أبي برزة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إنما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الفتن». وفي رواية:«ومضلات الهوى»(٤).
فلما عمت فتنة الشهوات وأصبح هم الخلق منصرفا إلى الدنيا وزينتها، ارتكبوا المعاصي والكبائر، وأصبحوا متباغضين متدابرين، بعد أن كانوا
(١) أخرجه: أحمد (٤/ ١٣٧) والبخاري (١١/ ٢٩٢ - ٢٩٣/ ٦٤٢٥) ومسلم (٤/ ٢٢٧٣ - ٢٢٧٤/ ٢٩٦١) والترمذي (٤/ ٥٥٢ - ٥٥٣/ ٢٤٦٢) وابن ماجه (٢/ ١٣٢٤ - ١٣٢٥/ ٣٩٩٧). (٢) أخرجه مسلم (٤/ ٢٢٧٤/٢٩٦٢) وابن ماجه (٢/ ١٣٢٤/٣٩٩٦). (٣) ولفظ الحديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: «إني فرطكم، وأنا شهيد عليكم. وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض -أو مفاتيح الأرض- وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها». أخرجه: أحمد (٤/ ١٤٩) والبخاري (١١/ ٢٩٣/٦٤٢٦) ومسلم (٤/ ١٧٩٥/٢٢٩٦) وأبو داود (٣/ ٥٥١/٣٢٢٣) مختصرا دون ذكر محل الشاهد والنسائي (٤/ ٣٦٣/١٩٥٣). (٤) أخرجه: أحمد (٤/ ٤٢٠و٤٢٣) والبزار (الكشف (١/ ٨٢/١٣٢)) والطبراني في الصغير (٢/ ٢٠٤/٥٠٢) وذكره الهيثمي في المجمع (١/ ١٨٨) وقال: "رواه أحمد والبزار والطبراني في الثلاثة ورجاله رجال الصحيح".