فضله ونبل أصله رضي الله عنه وأرضاه. دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله:"اللهم علمه الكتاب"(١). وفي رواية أحمد والحاكم:"اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل". (٢) عن ابن عباس قال: لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلت لرجل من الأنصار هلم نسأل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجباً لك يا ابن عباس، أترى الناس يحتاجون إليك، وفي الناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من ترى؟ فترك ذلك. وأقبلت على المسألة، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل، فآتيه وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، فتسفي الريح علي التراب فيخرج فيراني فيقول: يا ابن عم رسول الله، ألا أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: أنا أحق أن آتيك، فأسألك، قال: فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس علي، فقال: هذا الفتى أعقل مني.
وعنه قال: "كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال: لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه من حيث علمتم، فدعا ذات يوم فأدخله معهم فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم، قال: ما تقولون في قول الله تعالى: {إذا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}(٣) فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا، فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا، قال: فما
(١) البخاري (١/ ٢٢٤/٧٥) الترمذي (٥/ ٦٣٨/٣٨٢٤) بلفظ: "اللهم علمه الحكمة ... " وقال: "هذا حديث حسن صحيح". والنسائي في الكبرى (٥/ ٥٢/٨١٧٩) بلفظ: "اللهم علمه الحكمة ... " وابن ماجه (١/ ٥٨/١٦٦) بلفظ: "اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب". (٢) أحمد (١/ ٣٢٨) والحاكم (٣/ ٥٣٤) وصححه ووافقه الذهبي. (٣) النصر الآية (١).