وأحبها حبا شديدا كان يتظاهر به، بحيث إن عمرو بن العاص، وهو ممن أسلم سنة ثمان من الهجرة، سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال:«عائشة» قال: فمن الرجال؟ قال:«أبوها»(١).
وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض، وما كان عليه السلام ليحب إلا طيبا. وقد قال:«لو كنت متخذا خليلا من هذه الأمة، لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام أفضل»(٢) فأحب أفضل رجل من أمته وأفضل امرأة من أمته، فمن أبغض حبيبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو حري أن يكون بغيضا إلى الله ورسوله.
وحبه عليه السلام لعائشة كان أمرا مستفيضا، ألا تراهم كيف كانوا يتحرون بهداياهم يومها تقربا إلى مرضاته. (٣)
- وصح من حديث عمارة بن عمير، قال: جيء برأس عبيد الله بن زياد وأصحابه، فأتيناهم وهو يقولون: قد جاءت قد جاءت، فإذا حية تخلل الرؤوس حتى دخلت في منخر عبيد الله، فمكثت هُنية، ثم خرجت، وغابت، ثم قالوا: قد جاءت، قد جاءت، ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثا.
قال الذهبي: الشيعي لا يطيب عيشه حتى يلعن هذا ودونه، ونحن
(١) أحمد (٤/ ٢٠٣) والبخاري (٧/ ٢٢/٣٦٦٢) ومسلم (٤/ ١٨٥٦/٢٣٨٤) والترمذي (٥/ ٦٦٣/٣٨٨٥) والنسائي في الكبرى (٥/ ٣٦/٨١٠٦). (٢) أحمد (١/ ٢٧٠) والبخاري (١/ ٧٣٤/٤٦٦) عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفي الباب عن ابن مسعود وأبي سعيد اخدري وابن الزبير وأبي المعالي الأنصاري وجندب وأبي هريرة - رضي الله عنهم -. (٣) السير (٢/ ١٤١ - ١٤٢).