تقدمت قبله. {وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} يقول: ولا يأتي بعده بكتاب يبطله ولا يكذبه، كما أخبرنا أنه أيضاً مصدق لما كان قبله من الكتب، فقال:{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا}(١)
يقال: لما كان قبل الشيء وأمامه بين يديه، وما كان بعده خلفه، وبيان ذلك في كتاب الله: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}(٢) لا يريد أن للصدقة بين يدين وخلفاً، وإنما أراد قبل نجواكم صدقة. وقال:{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}(٣) يريد أن يرسل الرياح قبل المطر. وقال: {إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد (٤٦)} (٤) يقول: نذير قبل العذاب. وكذلك معناه في {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ}(٥) أراد قبله ولا من بعده، ولو كان معنى: من بين يديه ومن خلفه معنى المخلوق، لكان شخصاً له قدام وخلف وظهر وبطن ويدان ورجلان ورأس ولا يمكن ذلك في القرآن، ثم إن الجهمي ادعى أمراً آخر فقال: إن الله عز