وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧)} (١) ولا يعني وخالقوه، لأنه قد كان مخلوقاً، وإنما جعله مرسلاً بعد خلقه. وقال إبراهيم:{رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا}(٢) لا يعني: رب اخلق هذا البلد، لأن البلد كان مخلوقاً، ألا تراه يقول: هذا البلد؟ وقال:{فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ}(٣) لا يريد: حتى خلقناهم حصيداً. وقال إبراهيم:{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي}(٤) لا يعني: رب اخلقني. وقال إبراهيم وإسماعيل:{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ}(٥) ولم يريدا: واخلقنا مسلمين لك لأن خلقهما قد تقدم قبل قولهما، فهذا ونحوه في القرآن كثير، مما لفظه "جعل" على غير معنى "خلق".
وكذلك قوله:{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا}(٦) إنما جعله عربياً ليفهم ويبين للذين نزل عليهم من العرب، ألم تسمع إلى قوله:{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ}(٧)؟ وقال في موضع آخر: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا