فهل بقي رحمكم الله أوضح من هذا البرهان، أو أشفى من هذا البيان؟ وقد أعلمنا الله تعالى أنه قد خلق خلقاً للاختلاف والفرقة، وحذرنا أن نكون كهم لهم واستثنى أهل رحمته لنواظب على المسألة أن يجعلنا منهم فقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩)} (٢).
ثم حذر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يتبع أهل الأهواء المختلفين وآراء المتقدمين فقال عز وجل:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ}(٣). وقال:{فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}(٤). وقال: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ