وسوء الاختيار. وحكوا عنه أنه قال: قد يجوز أن يجمع المسلمون جميعا على الخطأ. قال: ومن ذلك إجماعهم على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى الناس كافة دون جميع الأنبياء وليس كذلك وكل نبي في الأرض بعثه الله تعالى، فإلى جميع الخلق بعثه، لأن آيات الأنبياء -لشهرتها- تبلغ آفاق الأرض، وعلى كل من بلغه ذلك أن يصدقه ويتبعه. فخالف الرواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"بعثت إلى الناس كافة، وبعثت إلى الأحمر والأسود وكان النبي يبعث إلى قومه"(١) وأول الحديث. وفي مخالفة الرواية وحشة، فكيف بمخالفة الرواية والإجماع لما استحسن. (٢)
قال أبو محمد: وفسروا القرآن بأعجب تفسير، يريدون أن يردوه إلى مذاهبهم، ويحملوا التأويل على نحلهم. فقال فريق منهم في قوله تعالى:{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}(٣) أي علمه، وجاءوا على ذلك بشاهد لا يعرف، وهو قول الشاعر:
ولا يُكَرْسيُّ علمَ الله مخلوقُ
كأنه عندهم: ولا يعلم علم الله مخلوق.
والكرسي غير مهموز، و"يكرسئ" مهموز، يستوحشون أن يجعلوا لله تعالى كرسيا، أو سريرا، ويجعلون العرش شيئا آخر. والعرب لا تعرف العرش
(١) أخرجه: أحمد (٣/ ٣٠٤) والبخاري (١/ ٥٧٤/٣٣٥) ومسلم (١/ ٣٧٠ - ٣٧١/ ٥٢١) والنسائي (١/ ٢٢٩ - ٢٣١/ ٤٣٠) من حديث جابر رضي الله عنه. (٢) تأويل مختلف الحديث (١٧ - ١٩). (٣) البقرة الآية (٢٥٥).